الخطبة الأولى :لماذا نستبشر برمضان ؟
الحمد لله رب العالمين، جعل الصيام جنة للصائمين، وجعل شهر رمضان طريقا إلى الجنة، أحمده تعالى يسر مواسم الخيرات للراغبين، وعظم أجور هذه الأمة بأيام وليالي محدودة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من صلى وصام وزكى وقام، اللهم صل وسلم عليه وعلى اله و سائر الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وارضى اللهم عن الصحابة أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .. إخوة الإسلام !أوصيكم ونفسي أولا بتقوى الله والصبر والطاعة. ينتظر المسلمون الصادقون شهر الصيام بشوق وفرحة ،ويسألون ربهم أن يبلغهم إياه، ويعينهم على المسارعة في الخيرات والتخفيف من السيئات، وما بالهم لا يفرحون ورمضان رحمة من الله لعباده، ونعمة كبرى يقدرها حق قدرها أولو الأحلام والنهى، لماذا لا تنشرح لك الصدور يا رمضان، وفيك للفقراء فرصة، وللمسافرين رخصة، وللمرضى شفاء وصحة، وللمذنبين توبة، وللمبتلين عافية، وللمهتدين مغنم وفرصة، ولما لا تنشرح الصدور بمقدم شهر الخيرات والمساواة وتلاوة القرآن وكثرة الصدقات ؟ لماذا وأيامك مشرقة بالضياء والنور، ولياليك تعطر بترتيل الكتاب المنزل، وتطهر الأرض بدموع الركع السجد ،وفي كل ليلة تعانق السماء دعوات تصل الخلق بخالقها، فتحيا القلوب بعد موتها، وتصح الأجساد إثر عللها يقول جل جلاله في حديث قدسي: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، ولخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك، وهل تظن بربك الكريم إلا خيرا، وتأمل كيف فهم العلماء كرم الكريم، سئل سفيان بن عيينة عن قوله :كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي، فقال رحمه الله إذا كان يوم القيامة يحاسب الله عز وجل عبده ويؤدي ما عليه من المظالم من سائر عمله، حتى لا يبقى إلا الصوم، فيتحمل الله ما بقي عليه من المظالم، ويدخله بالصوم الجنة، وقال أيضا لأن الصوم هو الصبر، يصبر الإنسان عن المطعم والمشرب والمنكح، وثواب الصبر ليس له حساب ثم قرأ }{ إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} ألا ما أحوجك إلى الصوم يا أخا الإسلام، في يوم تزل فيه الأقدام، وينصب فيه الميزان، ويدقق الحساب، فافرح بالصيام وقدره حق قدره، وحافظ عليه من النقصان، عباد الله ! في الصيام تنجلي عند الصائمين القوى الإيمانية، والعزائم التعبدية، يدعون ما يشتهون ويصبرون على ما يشتهون. أيها المسلم والمسلمة كيف لا نستبشر بشهر رمضان، وفيه فرصة للشفاعة يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا {يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا}. ولم لا يستبشر الصائمون برمضان وأبواب السماء تفتح للسائلين، ويستجيب الله للداعين الصادقين ،كما قال تعالى إثر آيات الصيام } وإذا سألك عبادي... يرشدون} ولشهر رمضان على الخصوص دعوة مستجابة، كما روى عن النبي {ص} قال:{ لكل مسلم دعوة مستجابة يدعو بها في رمضان وللصائم عند فطره دعوة لا ترد} ولماذا لا يفرح المسلمون بشهر رمضان وهو سبب لمغفرة الذنوب، وفي الحديث المتفق على صحته عن النبي {ص} قال من صام رمضان ...ذنبه} وكيف لا يفرح المسلم ويسعد بالصيام، وهو طريق إلى عدم الظمأ في يوم يساق فيه المجرمون إلى جهنم وردا، ويلجم الناس العرق إلجاما وهم في تلك اللحظات أحوج ما يكونون إلى شربة ماء ، أسأل الله أن يجعله شهر رشد وخير، وأن يجعله عونا على إصلاح أحوال المسلمين وجمع كلمتهم على الحق والدين، هذا وصلوا وسلموا على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لآ إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا وعظيمنا وحبيبنا محمدًا عبده ورسوله خاتم الأنبيآء وإمام المرسلين.
أيها الإخوة المؤمنون:فإن اصدق الحديث كتاب الله تعالى ، وأوثق العرى كلمة التقوى، وخير الملل ملّة إبراهيم/ وخير السنن سنن محمد {ص} وأشرف الحديث ذكر الله عز وجل،وأحسن القصص هذا القرآن، وخير الأمور عوازمها ، وشر الأمور محدثاتها، وأشرف الموت قتل الشهداء، وأعمى العمى الضلالة بعد الهدى، وخير العلم ما نفع، وخير الهدى ما اتبع، وشر العمى عمى القلب، واليد العليا خير من اليد السفلى،وما قل وكفى خير مما كثر وألهى، وشر المعذرة عند حضرة الموت، وشر الندامة ندامة يوم القيامة، ومن أعظم خطايا اللسان الكذوب، وخير الغنى غني النفس، وخير الزاد التقوى ، وخير ما القي من القلب اليقين ،والنياحة من عمل الجاهلية، والخمر جماع الإثم، والنساء حبائل الشيطان، وشر المكاسب كسب الربا، وشر المأكل مال اليتيم، والسعيد من وعظ بغيره، والشقي من شقي في بطن أمه.
أيها الناس: إن مع الحياة موتا،وان مع الدنيا آخرة، وان لكل شيء حسيبا، وعلى كل شيء رقيبا، وان لكل حسنة ثوابا، ولكل سيئة عقابا،وان لكل اجل كتابا،من انقطع الى الدنيا وكَّله الله إليها ، ومن أرضى الناس بسخط الله وكله الله إليهم، ومن أرضى الله بسخط الناس كفاه الله شرهم، ومن أحسن فيما بينهم وبين الله كفاه ما بينه وبين الناس، ومن أحسن سريرته أحسن الله علانيته، ومن عمل لآخر ته كفاه الله أمر دينه.
أيها الناس: إياكم والظلم،فان الظلم ظلمات يوم القيامة، وإياكم والفحش، فان الله لا يحب الفحش والتفحش، وإياكم والشح، فإنما هلك من كان قبلكم بالشح، وأفضل أهل الإسلام فيه من سلم المسلمون من لسانه ويده،
أيها الناس: ألا وإنكم في يوم عمل ليس فيه حساب، ويوشك أن تكونوا في يوم حساب ليس فيه عمل، وان الله ليعطي الدنيا من يحب ومن يبغظ ، ولا يعطي الآخرة إلا من يحب، وان للدنيا أبناء وللآخرة أبناء، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، وان شر ما يتخوف على المرء إتباع الهوى وطول الأمل.
يا ابن ادم: عندك ما يكفيك وأنت تطلب ما يطغيك، لا بقليل تقنع ولا بكثير تشبع، وإذا أصبحت معافى في بدنك، آمنا في سربك، عندك قوت يوم، فكأنما حيزت لك الدنيا بحذافيرها.دعوا الدنيا لأهلها،{3} تفرغوا من هموم الدنيا ما استطعتم، فمن كانت الدنيا همه قضى الله عليه ضيعته، وجعل فقره بين عينيه، ومن كانت الآخرة همه جمع الله عليه همه وجعل غناه في قلبه.وما اقبل احد على الله بقلبه، إلا اقبل الله عليه بقلوب عباده المؤمنين. كفى بالمرء حمقا أن يكثر حظه ويقل عمله وخشيته. جيفة بالليل، بطال بالنهار، كسول جز وع هلوع أيها المؤمنون:بارك الله لي ولكم في القرءان العظيم، ونفعنا جميعا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم .أقول قولي هذا واستغفروا الله لي ولكم ،فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم ، اللهم اجعل صومنا فيه مقبولا، وذنبنا فيه مغفورا ......
اب المرقش